أهل الله لا يسيرون سير العوام، أهل الله يتلمسون أسرار الله في خلقه. فهم يتتبعون القلوب التي يتجلى فيها الله تعالى بجلاله وجماله: سيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم والوصي علي بن أبي طالب عليه السلام وسيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام ورياحين الجنة الحسن والحسين وسائر الأولياء من أهل البيت عليهم السلام ومن أصحاب النبي الأوفياء رضي الله عنهم
ولولا أن الله تعالى حفظ الدين بمولانا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي أفاض بالأنوار المحمدية والعلوم القدسية على مشايخ الطرق الصوفية لما بقي لأسرار الله تعالى أثر بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
إن سلسلة المعرفة بالحقائق السماوية سلسلة متصلة اتصالا وثيقا يمد بعضها بعضا بمفاهيم الإدراك بقوى أنوار البصيرة، ولا يمكن أخذ جزء دون آخر لمعرفة حقيقة الجزء الآخر
ومن الإسلام الذي توقف عن الوصول إلى أهل السنة والجماعة
توقف التسليم على أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستبدل بقول رضي الله عنه أو عنها، فيسقط بذلك تميز أهل البيت عليهم السلام ويتساووا بغيرهم من الصالحين
فبعد أن كان شيوخ أهل السنة يقولون (علي بن أبي طالب عليه السلام)و(فاطمة الزهراء عليها السلام) و(الحسن والحسين عليهما السلام) اتبع كثير من العلماء نهج النواصب الذين يخفون نصبهم لأهل البيت عليهم السلام فكتبوا (رضي الله عنه)
وقد وردت في فضائل آل البيت الكرام عليهم الصلاة والسلام، أحاديث كثيرة منها
الحديث الأول
عن يَزِيد بْن حَيَّانَ قَالَ
انْطَلَقْتُ أَنَا، وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ، وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ، إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ، وَغَزَوْتَ مَعَهُ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ، لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! وَاللَّهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَقَدُمَ عَهْدِي، وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا، وَمَا لَا فَلَا تُكَلِّفُونِيهِ. ثُمَّ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ! أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ! فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: (وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي)
رواه مسلم (رقم/2408)
الحديث الثاني
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ – يَخْطُبُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي) رواه الترمذي في " الجامع الصحيح "، حديث رقم:(3786) قال الترمذي: وفي الباب عن أبي ذر، وأبي سعيد، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد
ثم رواه الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب أهل النبي صلى الله عليه وسلم. حديث رقم:(3788) عن زيد بن أرقم، وزاد في آخره: ( وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا )
الحديث الثالث
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُبْغِضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ )
رواه ابن حبان في صحيحه، (15/435)
الحديث الرابع
عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه:
( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ )
رواه مسلم في صحيحه، حديث رقم: (2276)
الحديث الخامس
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ سَبَبِي وَنَسَبِي )
رواه ابن عباس بإسناد حسن كما عند الطبراني في المعجم الكبير ( 3 /129)، وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من طرق كثيرة يرويها سعيد بن منصور في سننه (520 -521 )، وابن سعد في الطبقات ( 8 / 463 )، والطبراني في المعجم الكبير (1/124)، والحاكم في المستدرك (3/142)، وكذا البيهقي (7/114)، وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنه كما في مسند أحمد ، (31/207)، وأبي سعيد الخدري في مسند أحمد (17/220)
الحديث السادس
عن عائشة رضي الله عنها قالت
( خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )
رواه مسلم في صحيحه، حديث رقم: (2424)
الحديث السابع
عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى فَأَهْدِهَا لِي.
فَقَالَ: ( سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ؟
قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )
رواه البخاري في صحيحه، حديث رقم: (3370)، ومسلم في صحيحه، حديث رقم: (406)
الحديث الثامن
عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: جمع علي رضي الله عنه الناس في الرحَبة، ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خُمٍّ ما سمع، لما قام، فقام ناس كثير، فشهدوا حين أخذه بيده، فقال للناس: (أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟)، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه)
رواه أحمد في مسنده (19302)، والنسائي في السنن الكبرى (8424)، وابن حبان في صحيحه (6931)، حديث صحيح ورد عن عشرة من الصحابة، هم: الإمام علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وأبي أيوب الأنصاري، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وبريدة بن الحصيب، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهم
الحديث التاسع
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: (والذي فلق الحبة، وبرأ النسَمة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليَّ: (أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يُبغضني إلا منافق)
رواه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان رقم (78)، ورواه الترمذي (3736)، والنسائي (5018)، وابن ماجه في سننه (114)، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده (642)، ورواه ابن حبان في صحيحه (6924) في باب ذكر الخبر الدال على أن محبة المرءِ عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه من الإيمان، ورواه البزار (560)، وأبو يعلى (291)